رســــالــــة وداع

رســــالــــة وداع

إلى أمي الحبيبة

إلى أعز إنسان لي في الوجود

إلى التي غمرتني بالحب اللامتناهي و العطف و الحنان و العطاء اللامحدود.

أكتب إليك هذه الكلمات و الأسى يعلو محياي و القلب يتقطع و وجداني يحترق

لقد سمعتك تحادثين خالتي ، عندما فاتحتـْـك في أمر زواجك ، سمعت أنك

تكررين على مسامعها أني عقبة أمام هذا القران الثاني ، فكثير من الرجال

الذين تقدموا لك تراجعوا عن الفكرة بسبب وجودي. لا أخفي عنك أمي أن

الكلمات من فيك نزلت عليّ كالصاعقة فصدمتني و جرحت إحساسي ،

وأحسست حينها أني غير مرغوب فيّ ، من طرف من سيحل محل أبي، لكن

لا عليك يا أمي ، سأرحل إن كنت عبئا عليك كي تنعمي بحياتك ، لقد توارد

إلى مسامعي من قول خالتي لك أنك مازلت شابّة ، و أنت فعلا كذلك ، فأنت

لم تتجاوزي العقد الثالث ، و اعلمي يا أمي أني لن ألومك عن الزواج ثانية

لأن هذا حقك ، و سأكون أنانيا إن عارضتك ، فقط أحسست بكلماتك ثقيلة

علي ، لكن سأمتصها و أدعو الله أن يصبّرني.

صحيح أني ابن الخامسة عشرة من العمر، لكن لا تعتبرينني صغيرا ،فقد

نضجت ، ربما قبل الوقت ، و ذلك بفعل قساوة الحياة ، ألا تذكرين أني

سافرت للعمل صيف العام قبل الماضي ، و أمضيت هناك في تلك المدينة

البعيدة أشهرا ؟ ربما أراد القدر أن تكون تلك الرحلة بمثابة إعداد لي لما

سينتظرني الساعة ، فلا تقلقي علي ، سأواجه العقبات برجولة و سأجابه

المستقبل بصمود بعون الله ، فقد بدأت أفهم معنى تكاليف الحياة منذ وفاة أبي.

فالبادية هنا تربي على التضحية و العطاء وتدرّب على الرجولة و الصمود.

أمي يا نبع الحياة ،اهتمي بأمرك و اعتني بنفسك ، سأزورك بين الفينة

و الأخرى ، لأكون لك سندا ضد نوائب الدهر.

في رعاية الله يا أمي ، يا أحلى ما في الوجود.

قبلاتي الحارة.